يامن نوباني- تصادف اليوم، الثاني عشر من كانون الأول، الذكرى السابعة والعشرون لرحيل الأديب جبرا إبراهيم جبرا (بيت لحم 1920-بغداد 1994)، والذكرى الثامنة عشرة على رحيل الشاعرة فدوى طوقان (نابلس 1917-2013).
المؤلف والرسام والناقد والمترجم جبرا إبراهيم جبرا، أصدر في حياته الغنية بالأدب والخبرات ما يقارب الـ70 مؤلفا أدبيا، ما بين القصة والرواية والترجمة والنقد.
ومن أبرز أعماله: مجموعة قصص بعنوان “عرق”. وست روايات، هي “صراخ في ليل طويل” و”صيادون في شارع ضيق” و”السفينة” و”البحث عن وليد مسعود” و”الغرف الأخرى” و”يوميات سراب عفان”. كما ترجم ما يقارب الـ12 كتابا ومقالا وفصلا وقصة لأدباء كتبوا بلغات كالإنجليزية والفرنسية.
كما أصدر، بالاشتراك مع الروائي عبد الرحمن منيف، رواية بعنوان “عالم بلا خرائط” وقبل أن يرحل كان يعمل على قصة قصيرةـ طويلة تدور حول موضوع فلسفي، لكنه لم يوضح طبيعة ذلك الموضوع في رسائله.
أصدر جبرا إبراهيم جبرا ثلاث مجموعات شعرية. وعندما جمعها في ديوان يشتمل على الأعمال الشعرية الكاملة، عام 1990، أضاف إليها مجموعة ليصبح نتاجه الشعري المنشور في حياته على النحو الآتي: (“تموز في المدينة” 1959، “المدار المغلق” 1964، “لوعة الشمس” 1979، “سبع قصائد” 1990).
كما أصدر عددا من الكتب النقدية الأدبية الفكرية: “الحرية والطوفان” 1960، و”الرحلة الثامنة” 1967 و”ينابيع الرؤيا” 1979″ و”تمجيد الحياة” 1989″ و”تأملات في بنيان مرمري” 1989″ و”معايشة النمرة” 1991.
وتحفل هذه الكتب بمراجعات نقدية لروايات ومجموعات شعرية عربية وعالمية لتدخل عالم المعرفة في مسارين: الأول هو مسار الحداثة ومعاركها في الساحة العربية من خلال قراءات نوعية لأعمال أدونيس ويوسف الخال وتوفيق صايغ وغيرهم. وإعادة قراءة شعراء ذوي شعبية لكنهم كانوا مقروئين غالبا بعين تقليدية فأعاد جبرا اكتشافهم من منظور الحداثة، مثل الجواهري ونزار قباني وعبد الرحيم محمود والشعر الفلسطيني الحديث.
نال جوائز وأوسمة عربية ودولية كثيرة وتُرجمت أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والسلوفاكية والصربية وغيرها.
استقر كاتبنا في العراق في نهاية الأربعينيات- بداية الخمسينيات، وتوفي في بغداد في 11 كانون الأول 1994.
وعن الشاعرة طوقان، فقد أثرت عبر مسيرتها الأدبية الثقافة الفلسطينية بأعمال شعرية ونثرية وصلت العالمية وترجم لها للفرنسية.
وحازت طوقان على أولوية وزارة الثقافة الفلسطينية في مشروعها الثقافي الكبير، الذي بدأته عام 2017، وهو الاحتفال بالرواد الفلسطينيين.
وصدر عن الثقافة بالتعاون مع مؤسسة تامر في رام الله، كتاب: فدوى طوقان.. الرحلة الأبهى بدايات 2018، وهو من إعداد الأديب المقدسي محمود شقير.
يقول الأديب المقدسي جميل السلحوت: لقد تعلّمنا الكثير من شاعرتنا الكبيرة، وقد أبدع أديبنا إبراهيم جوهر عندما كتب في حينه بأنّ من يعتقد أن نابلس تقوم على جبلين هما جرزيم وعيبال فهو مخطئ، فهناك جبل ثالث هو فدوى طوقان.
تلقت طوقان تعليمها الابتدائي في مدارس نابلس، ولأن عائلتها المحافظة كانت تعتبر مشاركة الأنثى في الحياة العامة أمرا غير مقبول، تركت فدوى مقاعد الدراسة، واستمرّت في تثقيف نفسها بنفسها، بمساعدة أخيها الشاعر إبراهيم طوقان الذي نمّى مواهبها، ووجهها نحو كتابة الشعر، ثم شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية.
توالت النكبات في حياة فدوى طوقان، حيث توفي والدها، ثم توفي أخوها ومعلمها إبراهيم، أعقب ذلك احتلال فلسطين إبان نكبة 1948، فتركت تلك المآسي المتلاحقة أثرها على نفسية فدوى طوقان، كما يتبين لنا من شعرها في ديوانها الأول “وحدي مع الأيام”، ولكنه، في نفس الوقت، دفع فدوى إلى المشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينيات.
سافرت فدوى إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي، وأقامت هناك لمدة سنتين، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقا معرفية وإنسانية، حيث جعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة الحديثة، وبعد نكسة 1967 خرجت شاعرتنا من قوقعتها لتشارك في الحياة العامة بنابلس، فبدأت في حضور المؤتمرات واللقاءات والندوات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون البارزون، من أمثال: محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد، وغيرهم.
في مساء السبت الثاني عشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2003 ودعت فدوى طوقان الدنيا عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين، وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة: “كفاني أموت عليها وأدفن فيها، وتحت ثراها أذوب وأفنى، وأبعث عشبا على أرضها، وأبعث زهرة إليها تعبث بها كف طفل نمته بلادي، كفاني أظل بحضن بلادي ترابا، وعشباً، وزهرة .”.
تقول عنها الباحثة وداد السكاكيني: “لقد حملت فدوى طوقان رسالة الشعر النسوي في جيلنا المعاصر، ويمكنها من ذلك تضلعها في الفصحى وتمرسها بالبيان، وهي لا تردد شعرا مصنوعا تفوح منه رائحة الترجمة والاقتباس، وإن لها لأمدا بعيدا هي منطلقة نحوه، وقد انشق أمامها الطريق.
كرست فدوى طوقان حياتها للشعر والأدب، فأصدرت العديد من الدواوين والمؤلفات، وشغلت عدة مناصب جامعية، وكانت محور الكثير من الدراسات الأدبية العربية. إضافة إلى ذلك، حصلت فدوى طوقان على العديد من الأوسمة والجوائز منها: جائزة الزيتونة الفضية الثقافية لحوض البحر البيض المتوسط باليرمو إيطاليا 1978. وجائزة سلطان العويس، الإمارات العربية المتحدة، 1989. ووسام القدس ، منظمة التحرير الفلسطينية، 1990. وجائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة، ساليرنو- إيطاليا. وجائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة – إيطاليا 1992. ووسام الاستحقاق الثقافي/ تونس/ 1996.
وصدرت للشاعرة عدة مجموعات شعرية، منها: وحدي مع الأيام، دار النشر للجامعيين، القاهرة، 1952. وجدتها، دار الآداب، بيروت، 1957. أعطني حبا.
أمام الباب المغلق. الليل والفرسان، دار الآداب، بيروت، 1969. على قمة الدنيا وحيدا. تموز والشيء الآخر. اللحن الأخير، دار الشروق، عمان، 2000.
ومن آثارها النثرية: أخي إبراهيم، المكتبة العصرية، يافا، 1946. رحلة صعبة- رحلة جبلية (سيرة ذاتية) دار الشروق، 1985. الرحلة الأصعب (سيرة ذاتية) دار الشروق، عمان، 1993 ترجم إلى الفرنسية.