وفا- نديم علاوي- لم يتبق على عائلة الغوج المقدسية سوى دفع قسط واحد لقاء امتلاكها شقة سكنية تقوم منذ عشرة أعوام بتسديد ثمنها، في بلدة الطور غربي القدس.
غير أن فرحة الانتهاء من دفع أقساط شراء الشقة لم تدم طويلا، ففي الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، تلقت العائلة إلى جانب 4 عائلات مقدسية قرارا من قبل الاحتلال يخيرهم بدفع 200 ألف شيقل مقابل تأجيل هدم البناية لشهر إضافي، أو أن تقوم العائلة بهدم شقتها ذاتيا.
وتعيش عائلة الغوج إلى جانب عائلات خلفاوي، وأبو حلاوة، أبو سبيتان، حتى مدة أقصاها شهر واحد على أرض تعود لعائلة أبو سبيتان، في بناية مكونة من 5 طوابق تضم 10 شقق سكنية، وتضم 70 شخصا نصفهم أطفال، خطر المبيت في الشارع.
ويقول إياد الغوج (25 عاما)، إن عائلته تدفع مخالفات شهرية لبلدية الاحتلال بالقدس تقدر بآلاف الشواقل بحجة العيش في شقة غير مرخصة، كما تدفع ما قيمته 3000- 3500 شيقل شهريا غرامات وضرائب أبرزها ضريبة “الأملاك” يطبقها الاحتلال في القدس، ناهيك عن أقساط شقة عائلته التي تقدر بنحو مليون شيقل.
ويتابع إن “عائلتي لم تخل منزلها من أية مقتنيات منذ أن تسلمت قرار إخلائها، فلا يوجد مكان آخر في القدس تعيش فيه”، مؤكدا على أنه لن يخرج من البناية في حال هدمها.
واستطردت والدته رانيا الغوج، بالقول إنها ستظل وعائلتها صامدة بمنزلها بعد أن تحقق حلمها الذي استمر 30 عاما، من أجل العيش إلى جانب أبنائها بما فيهم نجلها إياد وزوجته وطفلان وجميعهم 11 فردا.
وتخشى الغوج التي بدأت حياتها من الصفر من أجل شراء الشقة، من اقتحام الاحتلال للمبنى، على حين غرة، لحظة تنفيذ عملية الهدم.
على مدار 10 أعوام مضت، قدمت العائلات المستهدفة كل الإجراءات القانونية لسلطات الاحتلال بهدف الحصول على تراخيص، غير أنها كانت ترفض الترخيص في كل مرة.
إلى جانب عائلة الغوج تعيش عائلة خلفاوي في الطابق الثاني من البناية وتمتلك شقتين سكنيتين تضمان 15 فردا، أجبرت على إخلاء جزء من أثاث شقتيهما ونقله إلى منزل أحد الأقارب بالقدس، بعدما أمهلتهم سلطات الاحتلال حتى نهاية شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الجاري لهدم البناية قسريا.
ويقول عضو لجنة البناية وأحد أصحابها فايز خلفاوي (50 عاما)، إن الشقتين كلفا العائلة شقاء عمرها مقابل امتلاكها، ولن تخرج منهما مهما كلفها الأمر، لأن هدف الاحتلال تهجيرهم.
إلى ذلك، يؤكد محامي العائلات حسين غنايم الذي تابع تداول القضية في المحاكم منذ 7 أعوام لـ”وفا”، على أن الأبنية المجاورة للبناية في منطقة السهل من الطور تشهد استهدافا من قبل سلطات الاحتلال، بقرارات الإخلاء والهدم لاعتبارات عنصرية وتهجيريه.
ويقول، رغم حصولنا على وقف إجراءات الهدم حتى نهاية الشهر الجاري، وحصول العائلات على قرارين بإلغاء الهدم عامي 2012 و2015، وإمكانيات العائلات المادية الميسورة، إلا أنها تعيش حالة قلق وخوف يومي صعبة جدا وتواجه خطر الهدم في أي لحظة.
ويوضح، أن معظم الأبنية الموجودة في المنطقة أقيمت دون ترخيص نتيجة الإهمال المتعمد والمماطلة من قبل سلطات الاحتلال وعلى رأسها البلدية في عدم إقرار مشاريع تنظيمية وبنية تحتية في المنطقة بموجبها يتم استصدار تراخيص ببلدة الطور التي تضاعف عدد سكانها 8 مرات منذ عام 1967.
ويشير إلى أن الهدف الأساسي من استهداف البناية ومنطقتها هو إقرار مشاريع حدائق وطنية يتم تقديمها من قبل سلطة الطبيعة التابعة للاحتلال، بحيث يتم تطويق بلدة الطور من أجل منعها من التوسع وفصلها عن محيطها العربي في بلدات الزعيم وعناتا والعيزرية، وكذلك شبكة الشوارع الرهيبة التي أقرتها سلطات الاحتلال وتنفيذها من جهات الطور الأربع لفصلها بشكل كامل.
وتبلغ مساحة الطور حسب معهد القدس للدراسات الإسرائيلية، 2,000 دونم حاليا بعد الاستيلاء حوالي 6000 دونم من أراضيها عقب الاحتلال عام 1967.