إنها الأم السمراء لكل مشروباتنا اليومية وعبقها عطر صباحاتنا وزينة طاولاتنا ولقاءاتنا، وعلى الرغم من مذاقها المر فلها سحر يبطل مرارة أوقاتنا ووحدتنا، إنها رفيقة الفرح والحزن، وفي عاداتنا العربية الأصيلة تتربع على نار الكرم التي لاتنطفئ في ليالي الصحراء الباردة.
أما بلغة العلم فلها باع طويل وصولات وجولات على طاولة الباحثين الذين لازالوا يبحثون في فوائدها العديدة يوميا لتتوج كمحارب شجاع عن اجسادنا اذا ما شربناها مرة بلا سكر.
ان تناول أربعة أقداح أو أكثر من القهوة يوميا يقلص -فيما يبدو- احتمال الإصابة بمرض النقرس، هذا ما توصل له باحثون كنديون.
ويؤدي شرب القهوة سواء العادية أو الخالية من الكافيين إلى انخفاض في مستويات حامض اليوريك في الدم، والذي يسبب مرض النقرس، رغم عدم معرفة العلماء سبب ذلك حتى الآن.
والنقرس هو خلل مؤلم في المفاصل يسببه ارتفاع مستوى حمض اليوريك في الدم ويصيب نحو ستة ملايين شخص في الولايات المتحدة وحدها.
الدكتور هيون تشوي من جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر بكندا وزملاءه بكلية طب هرفارد في بوسطن أرادوا معرفة الأثر المحتمل للقهوة على مرض النقرس.
وارتكزت الدراسة على مسح لنحو خمسين ألف رجل تراوحت أعمارهم بين 40 و75 عاما وليس لهم تاريخ في الإصابة بمرض النقرس وملؤوا استبيانات مفصلة بشأن العادات الغذائية بما فيها ما يشربونه.
وذكر تشوي في دورية “التهاب المفاصل والروماتيزم” أنه أثناء فترة الدراسة التي استمرت أكثر من 12 عاما أصيب خلالها 757 رجلا بالنقرس، قل احتمال الإصابة به لدى من تناولوا كميات أكبر من القهوة.
وقال في مقابلة عبر الهاتف “وجدنا أن من شربوا أربعة أو خمسة أقداح من القهوة قل احتمال إصابتهم بنسبة 40%، وأن من شربوا ستة أقداح أو أكثر قل احتمال الإصابة بنسبة تراوحت بين 50 إلى 60%”.
وأضاف تشوي أن الرجال الذين شربوا قهوة منزوعة الكافيين أيضا استفادوا، إلا أن الشاي لم يكن له أثر فيما يبدو.
ووجد الباحثون مستويات أقل بشكل ملموس من حمض اليوريك في الدم لدى من شربوا كميات كبيرة من القهوة.
وقال تشوي إن النتائج تشير إلى وجود شيء ما في القهوة غير الكافيين -مثل مادة قوية مضادة للأكسدة- يسهم على الأرجح في تقليل مستويات حمض اليوريك.
وفي ذات السياق حددت دراسة جديدة بروتينات معينة يتفاعل معها الكافيين في القهوة، والتي تساعد الكبد على إزالة الكوليسترول السيء من مجرى الدم، وبالتالي الحماية من أمراض القلب والأوعية الدموية.
ووجد الباحثون في جامعة “ماكماستر” الكندية أن استهلاك الكافين المنتظم مرتبط بانخفاض مستويات بروتين يسمى PCSK9 في مجرى الدم.
وتعزز المستويات المنخفضة من هذا البروتين من قدرة الكبد على تكسير كوليسترول LDL، وهو النوع “الضار” الذي يمكن أن يسد الشرايين ويؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
كذلك توصل الباحثون في الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز” إلى أن الكافيين يمنع أيضا تنشيط بروتين آخر يسمى SREBP2، والذي بدوره يقلل أيضا من مستويات PCSK9 في الدم.
وأشار كبير مؤلفي الدراسة ريتشارد أوستن إلى أن: “نتائج الدراسة كشفت الآلية الأساسية التي يمكن من خلالها للكافيين ومشتقاته التخفيف من مستويات PCSK9 في الدم، وبالتالي تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية”، حسبما نقل موقع “نيو أطلس”.
وحذر الباحثون من أن خلط القهوة بالسكر أو الكريمة من شأنه أن يلغي أي فوائد للكافيين، لافتين أيضا إلى خطورة تناول مشروبات الطاقة التي تحتوي أيضا على هذا المركب.