أشاد رئيس دولة فلسطين محمود عباس، اليوم الثلاثاء، بمواقف ألمانيا الداعمة لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، وفق حل الدولتين المستند لقرارات الشرعية الدولية.
كما ثمن سيادته، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع المستشار الألماني أولاف شولتس، في العاصمة الألمانية برلين، مواصلة دعم ألمانيا لشعبنا الفلسطيني لبناء قدراته، وبناء مؤسساته الوطنية، ودعم وكالة “الأونروا”، مؤكدا أهمية استمرار عمل اللجنة الوزارية المشتركة بين الجانبين.
كما أكد الرئيس الدور المحوري الذي تقوم به ألمانيا في منطقتنا والعالم، وكذلك في إطار الاتحاد الأوروبي واجتماعات صيغة “ميونخ”، التي تضم: ألمانيا، وفرنسا، ومصر، والأردن، لدفع جهود السلام في المنطقة للأمام، واستعداده للعمل معهم ومع جميع الشركاء ذوي العلاقة، من أجل تحقيق هذا الهدف.
وتطرّق سيادته إلى أن المساعي الفلسطينية المبذولة لحماية حل الدولتين من الانهيار، تمهيداً للذهاب إلى أفق سياسي، ينهي الاحتلال لأرض دولة فلسطين على حدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، منوها إلى أن ذلك يتطلب وقف الأعمال الأحادية الجانب المخالفة للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة والتوقف عن الاستيطان الإسرائيلي، وعنف مستوطنيه، وجرائم القتل، وهدم المنازل والمنشآت في أرضنا الفلسطينية المحتلة، ووقف الاعتداءات على أهلنا في مدينة القدس الشرقية ومقدساتنا المسيحية والإسلامية.
كما شدّد على التمسك بالمقاومة الشعبية السلمية، ورفض العنف والإرهاب في أي مكان بالعالم.
وفيما يلي نص كلمة سيادة الرئيس محمود عباس:
سيادة المستشار أولاف شولتس،
يُسعدني اليوم أن ألتقي بكم في برلين، لبحث سبل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين بلدينا وشعبينا، وأشيد في هذا الصدد بمواقف ألمانيا الداعمة لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، وفق حل الدولتين المستند لقرارات الشرعية الدولية، كما وأقدر مواصلة دعم ألمانيا للشعب الفلسطيني لبناء قدراته، وبناء مؤسساته الوطنية، ودعم الأونروا، مؤكداً على أهمية استمرار عمل اللجنة الوزارية المشتركة بين الجانبين.
ونجدد الشكر بهذه المناسبة للشعب الألماني الصديق ولحكومته، ولجميع قواه السياسية والفاعلة على مواصلة تمسكها بمبادئ الحرية، والعدالة، والديمقراطية، وهو ما نعتبره هدفاً مشتركاً لشعبينا وبلدينا، وصولاً إلى عالم تحكمه القيم والقواعد الدولية ووحدة المعايير.
وفي إطار حديثي مع سيادة المستشار، تطرقت إلى وجود جالية فلسطينية حية وفاعلة، تواصل انخراطها في المجتمع الألماني وتعمل على تعزيز جسور الصداقة والتعاون بين شعبينا في جميع المجالات، وأكدنا للمستشار أهمية هذا التفاعل الإيجابي.
سيادة المستشار، إننا نؤكد على الدور المحوري الذي تقوم به ألمانيا في منطقتنا والعالم، وكذلك في إطار الاتحاد الأوروبي واجتماعات صيغة ميونخ التي تضم ألمانيا وفرنسا ومصر والأردن، لدفع جهود السلام في منطقتنا للأمام، ونحن من جانبنا على استعداد للعمل معكم، ومع جميع الشركاء ذوي العلاقة من أجل تحقيق هذا الهدف.
لقد أطلعت سيادة المستشار على مسعانا لحماية حل الدولتين من الانهيار، تمهيدا للذهاب إلى أفق سياسي، ينهي الاحتلال لأرض دولة فلسطين على حدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما يتطلب وقف الأعمال الأحادية الجانب المخالفة للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة والتوقف عن الاستيطان الإسرائيلي وعنف مستوطنيه وجرائم القتل وهدم المنازل والمنشآت في أرضنا الفلسطينية المحتلة، ووقف الاعتداءات على أهلنا في مدينة القدس الشرقية ومقدساتنا المسيحية والإسلامية. وبالرغم من ذلك، نتمسك بالمقاومة الشعبية السلمية، ونرفض العنف والإرهاب في أي مكان بالعالم.
إن تقويض حل الدولتين المستند لحدود العام 1967 من جانب إسرائيل، وتحويله إلى واقع الدولة الواحدة بنظام الأبارتهايد، لن يخدم الأمن والاستقرار في منطقتنا، ولن يبقي أمام الشعب الفلسطيني سوى البحث عن حقوقه في دولة واحدة بحقوق متساوية للجميع. فهل هذا ما تريده إسرائيل؟ وهل هذا يريده المجتمع الدولي؟
لذلك، فإنني أحذر من ضياع فرصة تحقيق حل الدولتين، وأدعو إلى حمايته، ويمكن لدول الاتحاد الأوروبي أن تساهم في ذلك إذا قامت دولها التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين أن تقوم بذلك.
وهنا نتساءل، لماذا لا تقوم دول الاتحاد الأوروبي التي استثمرت الكثير في إنشاء مؤسسات دولة فلسطين، بهذه الخطوة؟ ولماذا لا يعتمد مجلس الأمن العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة التي أثبتت منذ الاعتراف بها عضواً مراقباً في العام 2012، أنها دولة مسؤولة.
إن كل ما يطمح إليه شعبنا الفلسطيني هو الحرية والاستقلال في دولة ذات سيادة، ديمقراطية يتمتع فيها كل مواطنيها بالعدل والمساواة وتكافؤ الفرص وتكون دولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة، عنصراً فاعلاً ومسؤولاً في إرساء قواعد القانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان في المنطقة وفي العالم، وهذا هو جوهر وأصل هدف ووجود هذه الدولة.
وفي إطار تمتين مسيرتنا الديمقراطية، نجدد التأكيد على التزامنا بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في فلسطين، ونناشد الحكومة الألمانية، والاتحاد الأوروبي، وقوى المجتمع الدولي كافة، لتمكين دولة فلسطين من تنظيم هذه الانتخابات في القدس الشرقية المحتلة، بالتزامن مع عقدها في باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة وغزة، كما عقدناها من قبل وفق الاتفاقيات في 1996، 2005، 2006، وذلك لإتاحة الفرصة لشابات وشباب فلسطين الذين نعتز ونفتخر بهم، للمشاركة في بناء مستقبل وطنهم.
وأتساءل هنا، لماذا تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمنعنا من تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في القدس الشرقية المحتلة؟
وبهذه المناسبة، نُجدد الشكر للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على الدور الهام والمتواصل لخلق الاستقرار والأمن وتحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني إلى حين خلاصه من الاحتلال، مؤكدين على أهمية استمرار هذا الدعم السياسي والاقتصادي المقدم من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، مشيدين بالموقف الألماني المميز بهذا الخصوص.
وفي الختام، نُجدد لكم سيادة المستشار، بالغ تقديرنا وشكرنا لألمانيا على كل ما تقدمه من أجل الشعب الفلسطيني وقضية السلام في الشرق الأوسط، معربين عن شكرنا لهذا اللقاء البناء، متمنين لكم يا سيادة المستشار الصحة والعمر المديد ولبلدكم ولشعبكم الصديق دوام التقدم والازدهار.
من جانبه، قال المستشار الألماني: أشكرك سيادة الرئيس على زيارتك لنا في برلين وإتاحة الفرصة لنا للحديث مع سيادتكم، إذ تحدثنا حول العلاقات الثنائية والمسائل الإقليمية.
وأكد أن العلاقات الألمانية الفلسطينية علاقات صداقة، ونقدم في إطار هذه العلاقات مساعدات للشعب الفلسطيني في المجالات الإنسانية والتعليم والثقافة، إذ تجمعنا الكثير من النقاط والمبادرات.
وتابع المستشار الألماني: تحدثنا أيضا عن أحداث غزة الأخيرة، ورحبنا بقرار وقف إطلاق النار، ونشعر بالضحايا المدنيين الذين قضوا في تلك الحرب، إذ نؤمن بأنه يجب حل هذا الصراع بالطرق السياسية وأن يتوصل الطرفان إلى سلام دائم.
وأضاف: أكدت للرئيس محمود عباس أننا نعمل من أجل حل الدولتين على حدود عام 1967، إذ لم يتغير موقف ألمانيا القائم على أن الحل يتم من خلال عملية تفاوضية، كما أكدت للرئيس محمود عباس أن ألمانيا ستبقى شريكا يعتمد عليه وسنستمر بالعمل المشترك معا.
وفي معرض رده على أسئلة الصحفيين، قال الرئيس محمود عباس إنه بالنسبة لموقف ألمانيا من الاستيطان فقد أبلغني المستشار شولتس أن ألمانيا ضد هذه الأعمال هي وغيرها التي من شأنها أن تعطل الحل السياسي، وقال لي “قلت هذا علانية وأقوله في كل مكان، هذا هو موقف ألمانيا من هذا الموضوع”، وأنا شاكر ومقدر لهذا الموقف.
وحول توجهه إلى الأمم المتحدة الشهر المقبل، قال سيادته إنه سيطالب المجتمع الدولي بنقطتين: الأولى أن يعترفوا بنا أننا أعضاء كاملو العضوية في الأمم المتحدة، والثانية أن كل دولة في العالم تقول بحل الدولتين وتعترف بدولة إسرائيل أن تعترف بنا، وهذا طلب عادل، ولا أطلب شيئا أكثر من ذلك.
وأشار الرئيس إلى أن هناك 700 قرار بالجمعية العامة للأمم المتحدة و90 قرارا في مجلس الأمن تتعلق بالقضية الفلسطينية، أتمنى على دول العالم كلها وعلى رأسها الولايات المتحدة أن تنفذ قرارا واحدا فقط منها، أي قرار يطبق وأنا سأكون سعيدا وشاكرا لكل دول العالم.