ليالي عيد- منذ أكثر من عامين، وجدران منزل الحاجة أم نضال سلايمة مسنودة بأعمدة حديدة حتى لا تنهار على رؤوس من في المنزل الذي بات آيلا للسقوط، نتيجة التصدعات والتشققات التي تسببت بها حفريات بلدية الاحتلال الإسرائيلي وشركة مياه “جيحون” الإسرائيلية، بحوش النيرسات بباب السلسلة في البلدة القديمة من القدس المحتلة.
معاناة الحاجة سلايمة، تعيش تفاصيلها 25 عائلة مقدسية باتت منازلها مهددة بالانهيار في “حوش النيرسات”، نتيجة التصدعات والتشققات التي أحدثتها حفريات بلدية الاحتلال و”جيحون” التابعة لها، وتنصلهما من وعودهما المتكررة بإجراء الترميمات المطلوبة لإصلاح الخلل الذي أحدثته الحفريات، وعلى الرغم من هذا الخطر المحدق بالحوش، فإن سلطات الاحتلال لا تحرك ساكنًا لمنع مزيد من الضرر، وتعويض العائلات عما لحق بها من أضرار.
حوش النيرسات مثال على الأحياء والأحواش التي يمنع الاحتلال ترميمها في البلدة القديمة، لإجبار المقدسيين على ترك منازلهم وبيوتهم لصالح المستوطنين، وجمعياتهم الاستيطانية.
تقول الحاجة أم نضال سلايمة لـ “وفا”: “نعيش في النيرسات منذ 70 عاما، وبسبب الحفريات التي أجرتها البلدية و”جيحون”، حدثت تشققات وتصدعات في منازل الحوش، جاءت البلدية قبل عامين ووضعت أعمدة حديدية لإسناد الجدران ومنع سقوطها، ومن ثم تركت المنازل دون اكتراث، وهي الآن آيلة للسقوط خاصة في الأيام الماطرة، وإن قمنا بترميمها تقوم بمنعنا وعرقلة ذلك”.
وتضيف: “مقابلنا يوجد بؤرة استيطانية تحرص بلدية الاحتلال على الاهتمام بأدق تفاصيلها بينما نحن نعيش خطر انهيار المنزل في أية لحظة”. لافتة إلى أنها ستواصل الإقامة في منزلها بالحوش رغم التصدعات والانهيارات.
بدأت الحفريات في منطقة باب السلسلة بدأت العام 2004، وتتشعب شمالا باتجاه باب العمود، وغرباً باتجاه باب الخليل، في حين أن التصدعات الجديدة في عقارات حوش النيرسات تعيد إلى الأذهان ما حلّ بعقارات مشابهة في حي القرمي القريب من حي باب السلسلة.
ففي عامي 2012 و2013، أصيبت عقارات القرمي بتصدعات تسببت في حينه بتضرر أكثر من 25 عائلة، أرغمت بعضها على إخلاء منازلها، التي لم تعد إليها إلا بعد أن تم ترميمها بصعوبة بالغة بفعل قيود بلدية الاحتلال وسلطة آثاره المفروضة على هذا النوع من الأعمال.
مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية زياد الحموري، يقول لـ “وفا” “مئات المنازل المقدسية في البلدة القديمة مهددة بالانهيار بفعل الحفريات الاحتلالية وسياسة منع الترميم، وكل الحفريات والانهيارات سواء في الأقصى او في بيوت البلدة القديمة نتيجة تمديدات تتم للمستوطنين وتترك آثارًا على منازل المقدسيين، وبلدية الاحتلال والمؤسسات الاحتلالية الاخرى تواصل تنصلها من مسؤولياتها”.
وفي إطار تعجيز الأهالي في الحوش وفي البلدة القديمة ككل، وعدت بلدية الاحتلال بإجراء عمليات الترميم لإصلاح التشققات والتصدعات التي أحدثتها حفرياتها، ثم تخلت عن وعودها وطالبت الأهالي بالترميم على نفقتهم الخاصة، في الوقت ذاته فإن البلدية وسلطة آثارها تمنع إجراء عمليات الترميم في القدس عمومًا، كطريقة تهجير جديدة لتوطين المستوطنين وتهويد المدينة.
رشيد زاهدة صاحب منزل متضرر في حوش النيرسات يقول لـ “وفا”، “شركة جيحون الاسرائيلية وبلدية الاحتلال هما المسؤولتان عن هذه الأضرار، فمنذ أن بدأتا بالحفر بحجة ترميم أنابيب المياه أسفل الأرض من بداية طريق باب السلسلة حتى مدخل المسجد الاقصى، ونحن نعيش تفاصيل القلق اليومي من انهيار منازلنا على رؤوسنا نتيجة التشققات والتصدعات”.
ويضيف: “ولدت في هذا الحوش وعشت طفولتي وشبابي وبين زقاقه ذكريات طفولتي، يحاول الاحتلال إجبارنا على الخروج من منازلنا من خلال منعنا من ترميمها، لكن لن أخرج من هنا إلا الى القبر”.
يقع حوش النيرسات في مكان استراتيجي مهم بالبلدة القديمة، مقابل حائط البراق ولا يبعد سوى أمتار عن المسجد الأقصى المبارك، وتمتد على جانبيه المحلات التجارية، وهو عبارة عن مدخل ضيق يفضي بعدها إلى 3 مداخل للأمام واليسار واليمين، إلى طابق ثان مرتفع عن مستوى بقية منازل الحوش، وتجد بعدها ساحة تتوسط عدة غرف، وفوقها عدة طبقات.
سمي قديمًا حوش النشاشيبي لكن فترة الانتداب البريطاني ولكثرة الثورات اتخذت مجموعة من الممرضات من هذا الحي مقرا لهن لعلاج الجرحى والمرضى، ويروي الأهالي أن قابلة قانونية في القدس خرجت من هذا الحي فأطلق عليه هذا الاسم.