مجدولين زكارنة –
لن يتناول فادي نجم الحلوى اليوم فالليلة الماضية لم يعد شادي 18 عاما الى بيته كالمعتاد عائدا من عمله في محل حلويات في مدينة جنين، لأنه استشهد برصاص قناصة الاحتلال في مخيم جنين خلال عودته من عمله فهو المعيل الوحيد لعائلته والراعي الوحيد لشقيقه الأكبر فادي المصاب بشلل رباعي.
منذ نعومة أظفاره يقوم شادي برعاية أخيه فيحمله ثلاثة طوابق ليقص شعره عند الحلاق و يعتني بنظافته الشخصية، أما والد شادي فيعتبر نجله الشهيد عمود البيت.
والد شادي يعاني من “ديسكات” في ظهره ولا يقوى على الوقوف أبدا كان جالسا على كرسي أمام منزله وأرضا كان يجلس فادي ولده المشلول يمسك بيد الكرسي ويبكي عندما قال له والده ان شادي لن يعود لن يحضر لك كل ما تحتاج وتشتهي.
شادي الشهيد الذي أعلن الأطباء عن وفاته نتيجة إصابته بتهتك في الجمجمة نتيجة اصابته بالرصاص في الرأس لم يكن مقاوما للإحتلال بل قاوم مرارة الحياة وصعوبة ظروفها منذ صغره.
مشهد وداع شادي كان موجعا جدا ولا كلمات لوصفه بل كانت صورة فادي تتحدث عن قهره ووجعه فلم يؤلمه الشلل يوما اليوم سيصير مشلولا برحيل أطرافه الأربعة التي كان يعوضه عنها شقيقه شادي .
أمسك فادي بشقيقه المسجى أمامه لم يستطع تركه عيناه التي ترجم زميلنا علي سمودي ما قالته خلال تواجده هناك لحظتها قائلا:”بأي حق قتلتم سندي وروحي وكل حياتي واخي .. من يسمع صرخة الشاب فادي نجم الذي يعاني من شلل رباعي وهو في حالة حزن وسط الدموع في وداع شقيقه شادي الذي كان يرعاه ويحمله ويهتم فيه منذ صغره”.
أما والد الشهيد الذي لايقوى على الوقوف فوضع المشيعون نجله بحضنه فتحسس وجهه وبكى بمرارة وحرقة وما أدراك بقهر الرجال.
أم الشهيد المنتحبة ركضت تجاه النعش وهو خارج و أمسكت بأقدام ولدها ولسان حالها يقول “عشان الله رجعولي ياه” … ولكن يا أماه لن نستطيع.
مشهد الوداع الذي ظهر بكاميرا الزميل سمودي لن نستطع نسيانه وصورة فادي الذي لايملك كرسي متحرك ووصل الجثمان حبيا على أقدامه المشلوله لن يغيب عن أذهاننا… أما العالم الذي ينشغل بمشاهد الحرب الروسية على أوكرانيا فهو حتما شريك للإحتلال بصمته وسكوته أعطى تذكرة مجانيه عن كل ما نعانيه من قهر ووجع وألم جفت الأقلام والألسن من كثره وصفه بلا جدوى ولو عدسات كاميراتنا تحولت الى عيون لبكت مآقيها دماً.
كان حلم شادي الوحيد لقمة عيش كريمه لعائلته و إتمام متطلبات شقيقه المريض الذي بعتمد عليه في كل ما يحتاج، إلا أن ظلم الاحتلال قضى على الرمق الأخير لحياة فادي وشادي معاً.
لم أكمل العشرين من عمري يا أمّاه كان ظهري صلبا ونفسي طويلا لم تقدر على هزمي الحياة ولكنني رحلت يا أخي لعل دمي يَفي.