الطفل محمد دعدس.. عاد زملاؤه للمدرسة ولم يعد

وفا- زهران معالي: عاد طلبة مدرسة محمد أمين السعدي شرق نابلس إلى مقاعدهم الدراسية بعد انتهاء الإجازة الأسبوعية، لكن مقعد محمد أمجد دعدس (15 عاما)، ظل فارغا بين زملائه في الصف العاشر؛ بعد أن أعدمته قوات الاحتلال خلال مواجهات قرب قرية دير الحطب شرق نابلس، يوم الجمعة الماضي.

داخل صف الطفل دعدس، بدت علامات الحزن والصدمة على فراق زميلهم واضحة، فعيون طلبة الصف لم تفارق مقعد زميلهم الفارغ المزين بصورته وإكليل من الورود وكوفية، فلكل واحد منهم ذكرى تجمعه بالشهيد، صورة أو مقطع مضحك أو مباراة أو سر يحتفظ به.

يقول مدير المدرسة مهدي فتوح لـ”وفا”، إن غياب الشهيد دعدس ترك حالة نفسية صعبة على زملائه ومدرسيه، فالمدرسة خسرت طفلا رياضيا مميزا بعلاقته وأخلاقه، والابتسامة الدائمة المرسومة على وجهه بكل الأوقات.

ومنذ ساعات الصباح، بدأ فريق الإرشاد النفسي بالوزارة بتقديم محاضرات لطلبة المدرسة خاصة صف دعدس، بهدف تقديم الدعم لهم ومؤازرتهم على تخطي الصدمة التي تعرضوا لها بفقدان رفيقهم، وفق ما يؤكد فتوح.

ولم يتمكن المعلم أيمن بدران مربي صف دعدس من إكمال الحصة الدراسية الأولى، فيما بدت علامات الصدمة على جبينه، فتلميذه لم يفارق مخيلته منذ الإعلان عن استشهاده، وفق ما تحدث لـ”وفا”.

ويضيف بدران “محمد كان طفلا طموحا من الطلبة الخلوقين المميزين جدا ومحبوبا بين زملائه، الحزن خيم على الصف، شعور واسع بالظلم الذي تعرض له محمد الطفل الذي كانت لديه أحلامه وتطلعاته، لكن هو الاحتلال الذي أزال شخصا عزيزا من الوجود”.

بدران الذي تلقى نبأ استشهاد تلميذه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كان الخبر عليه كالصاعقة والضربة الموجعة التي لم يصدقها حتى قدم إلى المدرسة صباحا ليجد مقعد دعدس الفارغ والشاهد على جريمة الاحتلال التي سلبت أحلام الطفولة، وفق قوله.

ويشير مدير المدرسة إلى أن الإدارة ستعمل على عمل “بوستر” يحمل صورة الشهيد تكريما له، وإطلاق اسمه على فوج الثانوية العامة القادم، وإقامة دوري مباريات تحمل اسمه في المدرسة، وتنظيم إفطار جماعي لكل الصفوف لكسر الوضع النفسي الذي ألقى بظلاله على الطلبة إثر استشهاد زميلهم.

وخلال محاضرة الإرشاد النفسي لزملاء دعدس، أجمعوا على حب محمد، واستعادوا الذكريات الجميلة التي جمعتهم به، من صور وفيديوهات التقطوها قبل ساعات من استشهاده، إلى محادثات تبادلوها بينهم.

لكن “المقعد الفارغ” كان الصدمة التي رافقتهم طوال محاضرة التفريغ النفسي، فأحد الطلبة قال “أول مرة بعيش فكرة الاستشهاد، الاستشهاد معناه أن يكون المقعد فارغا في إشارة إلى مقعد الشهيد دعدس”.

فيما تحدث آخر “كل لحظة عشناها سويا بترجع بعقلي، جلوسه مزحه طيبته وحب الجميع، غادرنا المدرسة يوم الخميس على أمل اللقاء اليوم، لكن خسرنا محمد منكسرين مصدومين”.

والدة الشهيد دعدس ودعت ابنها الوحيد بين أختين بالدموع، قائلة: “صبرني على فراقك يا رب، كان يحلم بأن يكون صحفيا، لكن جاب شهادة بتجنن، الله يرضى عليك يا محمد”.

وأظهرت أرقام الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال (حركة حقوقية متخصصة بمراقبة انتهاكات الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين)، استشهاد 15 طفلًا فلسطينيًّا برصاص جيش الاحتلال، منذ بداية العام الحالي في الضفة الغربية، فيما استشهد 62 طفلا في قطاع غزة منذ بداية العام.

وكانت جماهير شعبنا في محافظة نابلس، شيعت أمس السبت، جثمان الشهيد دعدس إلى مثواه الأخير، وانطلق موكب التشييع في مراسم عسكرية من أمام مستشفى رفيديا الحكومي، بمشاركة فعاليات رسمية وشعبية ووطنية، وصولا إلى منزل عائلته، حيث ألقيت عليه نظرة الوداع، قبل أن يوارى الثرى في مخيم عسكر شرق نابلس.

وكانت وزارة الصحة أعلنت مساء الجمعة، عن استشهاد الطفل دعدس، عقب إصابته برصاصة في بطنه، وكان قلبه متوقفا، حيث حاولت الطواقم الطبية إنعاشه، إلا أنها لم تنجح.