بقلم : مجدولين زكارنة
تسكن أصوات الجرافات مخيلة الأطفال هناك وتشكل لهم صورتها كابوسا ينغص أحلام الطفولة الوردية، أما الرقم 197 فهو لا محالة في عقولهم محفوظ أنه عدد المرات التي فيها غادر الأطفال فراشهم الدافئ الى عراء الشارع وبرده أو الى لهيب الشمس وحرها… هنا أتكلم عن العراقيب أسطورة الصمود والبقاء في ذاكرة كل فلسطيني.
وتقترف سلطات الاحتلال جريمة تشريد أهالي العراقيب في النقب المحتل وتهدم الخيام ويعيد الأهالي نصبها في كل مرة، إنها سنابل أحلامهم وآمالهم التي لاتموت وتتغذى على الرجاء والأمل.
وتواصل قوات الاحتلال منذ أسابيع اقتحام العراقيب والتضييق على المواطنين في منطقة النقب من خلال الهدم والمداهمات وتجريف الأراضي الزراعية في قرية الأطرش – سعوة.
وتسكن 22 عائلة عدد أبنائها حوالي 800 نسمة قرية العراقيب، يعملون في تربية المواشي والزراعة الصحراوية،وتمكنوا من إثبات حقهم بملكية 1250 دونما من أصل آلاف الدونمات من الأرض فيما لاتزال سلطات الاحتلال ترفض الاعتراف بالقرية وتقوم بتخريب محاصيلهم الزراعية ومنعهم من الرعي وتربية المواشي لدفعهم الى ترك أراضيهم.
ويعد الحصول على التعليم حقا لكل إنسان على وجه الكره الأرضية أما في العراقيب فهو أمر صعب أو مستحيل، لأنه يتطلب من الطلبة السير عشرات الكيلومترات مشيا على الأقدام نظرا لعدم وجود مدارس هناك بسبب عدم اعتراف سلطات الاحتلال بها، ما يتسبب بإعاقة حصول السكان على حقهم الأساسي في التعليم.
إن مخططات السيطرة على أراضي النقب وتركيز أو تجميع الفلسطينيين على مساحة محدودة لم تتوقف منذ عام 1948 وحتى قبل ذلك، بهدف تهويد النقب التي تشكل ما نسبته 40% من مساحة فلسطين التاريخية، وتحتل الجزء الجنوبي منها، حيث تمتد من عسقلان على الساحل الغربي لوسط فلسطين وحتى رفح ممتدة على طول الحدود مع سيناء، وتبلغ مساحة منطقة النقب أكثر من 12.4 كيلومترا مربعا، ويقطنها أكثر من 250 ألف فلسطيني، لكنهم يعيشون على أقل من 2% من أراضيهم.
وتتوزع في النقب 46 قرية عربية، لا تعترف سلطات الاحتلال بأكثر من 40 قرية منها، وبلغ أوج انتهاكات الاحتلال في النقب عند اقرار حكومة الاحتلال ما تسمى “الخطة القومية الإستراتيجية لتطوير النقب” عام 2005، حيث أقرت 17 مليار شيكل لهذه الخطة التي تتلخص في زيادة عدد اليهود في النقب، والسيطرة على الأراضي لزراعتها.
هدمت جرافات الاحتلال قرية العراقيب 14 مرة في العام الماضي، ولا تزال حكومة الاحتلال تواصل هدمها هذا ليس غريبا على حكومة عنصرية مجرمة بنيت على فكرة سفك الدماء منذ أن بدأت في البحث عن أرض لها في أرجاء العالم، أما نحن فكل عروق الدم التي تجري بكل جسد فينا فتتصل بجذور هذه الأرض لتسقيها كلما احتاجت من دماءنا لكي تبقى حتى ولو متنا.