قال نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الأربعاء، إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّ، وبعد مرور 250 يومًا على حرب الإبادة، تواصل التّصعيد من حملات الاعتقال الممنهجة والتي طالت أكثر من (9170) معتقلًا من الضّفة الغربية بما فيها القدس، إضافة إلى الآلاف من أبناء شعبنا في غزة، كما تواصل تنفيذ المزيد من الجرائم الممنهجة بحق الأسرى والمعتقلين.
وأضاف نادي الأسير في تقرير له، إنّ الأرقام المتعلقة بحملات الاعتقال اليومية، لا تعكس فقط التصاعد في الأعداد، وإنما في مستوى الجرائم التي رافقت حملات الاعتقال وكثافتها، وأبرزها عمليات الإعدام الميداني التي انتهجها جيش الاحتلال خلال اقتحامه للمحافظات والبلدات والمخيمات، والتي طالت كافة الفئات ومنهم النساء والأطفال، أو الجرائم بحق الأسرى داخل السجون والمعسكرات، والتي “تجاوزت المفاهيم والتّعريفات الخاصّة التي فرضتها المنظومة الحقوقية الدّولية، حيث عمل الاحتلال كماكينة استعمارية لمأسسة العديد من الجرائم بمستويات وأدوات لم يشهدها العصر الحديث، ومنها الجرائم التي انتهجتها منظومة السّجون”.
وتركزت عمليات الاعتقال بحقّ عائلات الأسرى، ومن تعرض للاعتقال سابقًا، إضافة إلى عائلات الشهداء، عدا عن عمليات التّنكيل والتّهديد والاستدعاءات التي طالت عائلات “المطاردين” من قبل الاحتلال، إلى جانب اعتقالهم كرهائن -وتحديدًا- الآباء.
وعلى مدار أكثر من (8) شهور من العدوان المتواصل والمتصاعد، نفّذت منظومة الاحتلال بكافة مستوياتها، جرائم مروّعة وخطيرة، بحقّ الأسرى والمعتقلين أدت إلى استشهاد ما لا يقل عن (18) أسيرًا ممن تمكّنت المؤسسات المختصّة من الإعلان عنهم فقط، علمًا أنّ أعداد الشهداء بين صفوف معتقلي غزة يقدرون بالعشرات، وكان الاحتلال قد صرح مؤخرًا في أحد التّحقيقات الصحفيّة الدّولية عن استشهاد (36) معتقلًا من غزة في السجون والمعسكرات، وحتّى اليوم يرفض الإفصاح -بشكل كامل- عن هوياتهم وظروف استشهادهم، وذلك في ضوء جريمة الإخفاء القسري المتواصلة بحقّ معتقلي غزة، ليكون عدد الشهداء بين الأسرى والمعتقلين هو الأعلى تاريخيًا وفقًا للمعطيات المدونة لدى المؤسسات المختصة.
وقال نادي الأسير إن حصيلة حالات الاعتقال بين صفوف النساء بلغت أكثر من (310)، وتشمل هذه الإحصائية النساء اللواتي اعتقلن من داخل أراضي العام 1948، وحالات الاعتقال بين صفوف النساء اللواتي من غزة وجرى اعتقالهن من الضّفة، مع الإشارة إلى أنّ من بين الأسيرات البالغ عددهنّ (75) والقابعات في سجن (الدامون)، أسيرتين حوامل ويواصل الاحتلال اعتقالهما حتّى اليوم وهما: جهاد دار نخلة، وعائشة غيظان.
بينما بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال (640) طفلا على الأقل.
وبلغت أوامر الاعتقال الإداري بعد السابع من أكتوبر أكثر من (6627) أمرا ما بين أوامر جديدة وأوامر تجديد، منها أوامر بحقّ أطفال ونساء.
وبلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الصحفيين بعد السابع من أكتوبر نحو (85) صحفيًا، تبقى منهم رهن الاعتقال (52)، بينهم (14) صحفيًا من غزة، ومن بين الصحفيين الذين أبقى الاحتلال على اعتقالهم (6) صحفيات، معتقلات إما اعتقال إداريّ، وإما على خلفية ما يدعيه الاحتلال بالتّحريض.
وبلغت حصيلة حالات الاعتقال بين صفوف الكوادر الطبيّة استنادًا لمعطيات وزارة الصّحة إلى (310)، وبين صفوف المحامين ما لا يقل عن (30)، وعدد المهندسين ما لا يقل عن (35) مهندسًا/ة.
وأشار نادي الأسير إلى أنّ غالبية من جرى اعتقالهم من الضّفة تم تحويلهم إلى الاعتقال الإداريّ، حيث شكّلت أعداد المعتقلين الإداريين بعد السابع من أكتوبر الأعلى تاريخيًا، وبلغ عددهم حتى بداية حزيران الجاري، أكثر من (3400) معتقل إداري، بينهم نساء وأطفال.
وتصاعدت عمليات الاعتقال على خلفية التّحريض على مواقع التواصل الاجتماعيّ والتي طالت المئات من كافة الجغرافيات الفلسطينية.
ويبلغ عدد إجمالي الأسرى حتى شهر حزيران الجاري، أكثر من (9300) أسير في سجون الاحتلال، منهم (75) أسيرة، وأكثر من (3400) معتقل إداريّ، وما لا يقل عن (250) طفلًا، وذلك بحسب المعطيات المتوفرة للمؤسسات المختصة.
وفي ضوء كثافة جرائم التّعذيب التي تعرض لها معتقلو غزة في سجون الاحتلال ومعسكراته، وما كشفت عنه شهادات المفرج عنهم، وكذلك التّحقيقات الصحفيّة والتّقارير الدّولية التي استندت على تلك الشهادات، فإنّ قضية معتقليّ غزة تشكّل اليوم التّحدي الأبرز أمام عمل المؤسسات الحقوقية، لا سيما مع استمرار الاحتلال ممارسة جريمة الإخفاء القسري بحقّ غالبية المعتقلين من غزة، ورفضه السّماح للجنة الدّولية للصليب الأحمر من زيارتهم والاطلاع على ظروف اعتقالهم.
وقال نادي الأسير إن التّطور الوحيد الذي طال هذه القضية هو بعض التّعديلات القانونية المحدودة لبعض اللوائح الخاصّة بقضية معتقلي غزة، وتحديدًا المتعقلة بمدد منعهم من لقاء المحامي، والتي مكّنت المؤسسات من الحصول على بعض الإجابات حول أماكن احتجاز البعض منهم.
وأكد نادي الأسير أنّ قضية معتقلي غزة تحتاج إلى جهود حثيثة من أجل متابعتها رغم الظروف المشددة والصعبة التي يفرضها الاحتلال حيال هذه القضية، وأنّ تصاعد الحديث عن ادعاءات الاحتلال بنيته فتح تحقيقات بشأن ظروف معسكر (سديه تيمان) كواحد من بين عدة معسكرات وسجون تحتجز فيها سلطات الاحتلال معتقلي غزة، هي مجرد ادعاءات لا تحمل أي معنى لمنظومة تمارس الإبادة الجماعية على مرأى من العالم، وتمارس جرائم التّعذيب والإعدامات الميدانية أمام عدسات الكاميرا، إلى جانب أن منظومة القضاء الإسرائيليّ شكّلت وما تزال ركنا أساسيا في ترسيخ كل الجرائم الحاصلة اليوم، ومنها الجرائم المتواصلة بحقّ الأسرى والمعتقلين.
وأوضح نادي الأسير أن أساليب التّنكيل تنوعت، بين التّعطيش والتّجويع وسحب كل مستلزمات الحياة الأساسية، والإبقاء على الحد الأدنى منها، حيث سحبت إدارة سّجون الاحتلال جميع الأدوات الكهربائية، والملابس، بما فيها الطعام الخاص بالأسرى، وعزلتهم عن العالم الخارجي لغاية اليوم، وقامت بزّج المعتقلين في (غرف- زنازين) لا تتسع لهذه الأعداد، مما فرض حالة من الاكتظاظ العالية جدًا، إضافة إلى الجرائم الطبيّة التي تصاعدت بشكل ملحوظ.
وحوّلت إدارة سّجون الاحتلال كافة “أنظمة السّجن” بما فيها ما يسمى “الفحص الأمني” و”العدد”، إلى محطة للإذلال، كما استخدمت عمليات نقل الأسرى، وكذلك زيارة المحامين لمحطة للاعتداء عليهم وإذلالهم من خلال السّجانين ووحدات القمع، وفرض قيود مشددة على الزيارات، منها جلب الأسير وهو مقيد ومعصوب العيون، على الزيارة، وعدا عن ذلك فقد شكّلت بعض القضايا محوراً مهماً منها عمليات التّفتيش العاري التي تعرضت لها الأسيرات، تحديدًا في محطة التوقيف المؤقت سجن “هشارون”.
كما برزت قضية انتشار الأمراض الجلدية بين صفوف الأسرى، وتحديدا مرض (الجرب– السكايبوس) في عدة سجون، نتيجة لعدم توفر الحد الأدنى من شروط النظافة، خاصّة أنّ إدارة سّجون الاحتلال سحبت الملابس وأبقت لكل أسير غيار واحد فقط، وانتهجت سياسة (الاكتظاظ)، وحرمتهم من أدنى المستلزمات الأساسية للحفاظ على النظافة الشخصية، ونفّذت بحقّهم جرائم طبيّة، بحرمانهم من العلاج اللازم، علمًا أنّ من بين من أصيبوا أطفال.
كما صعد الاحتلال من التضييقات على الطواقم القانونية من خلال منع عدد منهم من زيارة الأسرى لذرائع وادعاءات لا أساس لها، عدا عن التّهديدات التي طالتهم، والعراقيل التي انتهجتها إدارة سّجون الاحتلال لمنع الزيارات بشكل عام، مع العلم أنّ الاحتلال يواصل منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من القيام بزيارات للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيليّ.
ونوه نادي الأسير إلى إن عشرات الأسرى، ومنهم أسرى غزة المعتقلين قبل تاريخ حرب الإبادة فقدوا أفرادًا من عائلاتهم في غزة، ومنهم من فقد أكثر من فرد، هذا عدا عن مجموعة منهم كان من المفترض أن يفرج عنهم في الشهور الماضية، إلا أنّ الاحتلال أبقى على اعتقالهم حتّى اليوم.
ولفت نادي الأسير إلى أن غالبية من أفرج عنهم، يعانون من أمراض ومنها أمراض مزمنة، ومنهم من خضع لعمليات جراحية، إلى جانب الآثار النفسية الظاهرة على العديد منهم جرّاء ما تعرضوا له خلال فترة اعتقالهم.
وذكّر بالشهيد الأسير فاروق الخطيب الذي ارتقى مؤخرًا جرّاء الجريمة الطبيّة التي تعرض لها داخل السّجون، حيث تبين أنّه مصاب بالسرطان وفي مراحل متقدمة دون حصوله على العلاج اللازم، إضافة إلى تعرضه لعمليات تنكيل ممنهجة خلال اعتقاله.
وجدد نادي الأسير مطالبته بضرورة فتح تحقيق بإشراف دولي بشأن الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي مورست بحقّ المعتقلين والأسرى في سجون ومعسكرات الاحتلال، كوجه من أوجه الإبادة المستمرة بحقّ شعبنا في غزة، وذلك على الرغم من الصورة القاتمة التي تلف المنظومة الحقوقية الدولية، وحالة العجز المرعبة التي سيطرت على صورتها ومواقفها، أمام الجرائم والفظائع التي مارسها الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة حتى اليوم.