ناقش أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد، وعضو مجلس إدارة منظمة العمل الدولية (ILO)، مدير عام المنظمة جي رايدر، جدول أعمال مكتظ بعناوين المشكلات ومحاور النقاش، لجهة تعاظم مشكلات العمال على مستوى العالم بعد جائحة كورونا، وتزايد معدلات البطالة واضطراب أسواق العمل.
وتم ذلك على هامش مشاركتهم في الدورة 334 من اجتماعات مجلس إدارة المنظمة الأممية.
وقدم أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين، أمام أعضاء مجلس الإدارة عرضاً موسعاً عن حالة العمل والعمال في فلسطين، بما في ذلك التدهور الكبير الذي طالهم خلال جائحة كورونا وبعدها، ما فاقم معاناتهم السابقة، وفي مقدمتها حرمانهم من حقوقهم العمالية الطبيعية التي يمنحهم إياها القانون الإسرائيلي، كالحق في الأجر العادل، والحق في التأمين الصحي وتلقي الطبابة والعناية الصحية اللازمة لمن يتعرضون لإصابات العمل؛ ويتم ذلك ضمن مسلكية تميز عنصرية إسرائيلية سافرة، تسببت بإزهاق أرواح عشرات العمال خلال السنوات الماضية إضافة إلى تعريض حياتهم للخطر الشديد، بسبب الملاحقة العسكرية الإسرائيلية، واعتقالهم، ومن ثم الاعتداء عليهم، على نحو يفضي إلى الموت في عديد الحالات؛ الأمر الذي تسبب بوفاة (5) عمال فلسطينيين في عام 2021م، بعد تعرضهم للمطاردة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، أثناء عودتهم من سوق العمل الإسرائيلي، وإصابتهم بالرصاص الحي، ويحدث ذلك قبل وأثناء وبعد مرورهم بالحواجز العسكرية الإسرائيلية المكتظة بالعمال، ضمن ظروف ذهاب وآياب غير آمنة بالمطلق لأماكن عملهم.
وبين سعد أن العمال الفلسطينيون ما زالوا يتعرضون لابتزاز سماسرة بيع تصاريح الدخول لإسرائيل طلباً للعمل، وهي ظاهرة إجرامية تكونت كخلاصة لتواطؤ الحكومة الإسرائيلية مع رجال أعمال وضباط مخابرات إسرائيليين؛ ومن يعمل معهم من الجانب الفلسطيني، وجميعهم يشكلون منبع هذه الظاهرة التي ازدهرت خارج نطاق الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ومنها اتفاقية باريس الاقتصادية سيما المادة (37) منها، التي حددت مرجعية دخول وخروج العمال من وإلى إسرائيل بمكاتب الاستخدام الإسرائيلية والفلسطينية وليس سماسرة بيع التصاريح أو غيرهم.
وقال سعد أن العمال الفلسطينيون لا يحظون بمعاملة لائقة من مشغليهم الإسرائيليون، بما في ذلك التراخي في تزويدهم بمعدات ووسائل السلامة داخل ورش العمل والمصانع والمعامل الإسرائيلية، سيما عمال البناء والأخشاب الذين يشكلون 70% من عديد العمال في سوق العمل الإسرائيلي، الذين يعتلون البنايات فوق سقالات متهالكة ومخالفة لمعايير وشروط الصحة والسلامة المهنية المتعارف عليها في سوق العمل الإسرائيلي والعالمي، وهي نفسها التي توفر للعمال الإسرائيليين وغيرهم ممن يعملون في قطاع البناء والإنشاءات من غير العرب؛ ما تسبب بوفاة (40) عامل فلسطيني من سكان الضفة الغربية والقدس المحتلة، في سوق العمل الإسرائيلي والمستعمرات في عام 2021م.
كما استعرض سعد أمام المشاركين في الاجتماع مساعي الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، بالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين لتحديث قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لعام 2000، ليصبح أكثر اتساقاً وتجاوباً مع معايير العمل الدولية المعاصرة، وأكثر عدلاً وإنصافاً للعمال والعاملات.
كما طلب من مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، افتتاح مكتباً لها في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948م، للاطلاع على حجم الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الفلسطينيون والعاملات في سوق العمل الإسرائيلي، والتحقق من انتهاك أرباب العمل الإسرائيليين لنظم ومعايير العمل الدولية، وانتهاك قانون العمل الإسرائيلي نفسه، عندما يتعلق الأمر بحقوق العمال الفلسطينيين، بما في ذلك عدم مساواتهم مع العمال الإسرائيليون، ولا بما يتوازى مع معاملة العمال الأجانب والمهاجرون، وتنصل المشغلين الإسرائيليين من دفع الحقوق الاجتماعية والمالية للعمال الفلسطينيين على غرار ما يدفع لنظرائهم الأجانب والإسرائيليين، الأمر الذي يتسبب بخسارة العمال الفلسطينيين والعاملات، لأكثر من مليار شيكل سنوياً تهدر من أجورهم ومستحقاتهم ومدخراتهم؛ تحت ستار وتواطؤ الحكومة الإسرائيلية، وحياد قضائي إسرائيلي مشبوه ودنيء.
واختتم سعد عرضه أمام مجلس الإدارة، بتوجيه كلمة شكر لمنظمة العمل الدولية، نظير دعمها السخي لبرامج التدريب الفني والتمكين الإداري للنقابيين و النقابيات في فلسطين، ورعايتها للحوار الوطني الفلسطيني المخصص لتحديث قانون العمل، ورعاية مساعي تطوير وتحديث وابتكار التشريعات الفلسطينية المكرسة لتحسين وتطوير عالم العمل الفلسطيني.
إلى ذلك، التقى سعد على هامش مشاركته في اجتماعات مجلس الإدارة، العديد من المسؤولين والقادة النقابيين العرب والأجانب، ومنهم: الدكتور “ياسر حسان” مستشار المدير العام للدول العربية، و”كاثلين بسكيل” رئيس فريق العمال في المنظمة، و”ربى جرادات” المدير الإقليمي للمنظمة ومقرها في بيروت، و”نظام قاحوش” ممثل عمال الدول العربية في مكتب المنظمة في جنيف، كما التقى سفير دولة فلسطين في جنيف الدكتور “إبراهيم خريشه” والمستشار في السفارة “إبراهيم موسى”.