“الحيلة الديمغرافية في خدمة الأبرتهايد”
يبدو أن الوعي الإنساني العالمي قد شكّل صورة نمطية لجريمة الأبرتهايد. هذه الصورة تفترض وجود أقلية كولونيالية بيضاء تُحكم سيطرتها بواسطة العزل المكاني على أغلبية أصلانية وهذه الأخيرة يتم اضطهادها بشكل ممنهج وفق إطار قانوني إداري مبني على مسلمة التفوق العرقي الديني أوالقومي.
من الحيز الجغرافي الممتد من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، والذي يرزح بأكمله تحت السيطرة الإسرائيلية – بأشكال متباينة -، تفوح الرائحة الكريهة لجريمة الفصل العنصري، والعالم أجمع باستطاعته أن يميز تلك الرائحة، لكنه غير قادر على تحديد مصدرها بشكل قاطع. السبب يكمن في نجاح دولة الاحتلال في خلق حالة من الضبابية، ساعدتها على البقاء متخفية لتمر تحت رادار المجتمع الدولي دون انطلاق إشارات الإنذار.
هذا الأخير قام سابقا بمحاربة نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا ونجح في تجفيف آخر نقطة من مستنقعه، إسرائيل كانت تحاضرة وترقب عن كثب كيف تم القضاء على حليفتها، وأخذت العبر وتبنت رزمة من التعديلات الوراثية التي مكنتها من هندسة متحور خاص بها للأبارتهايد، هذا المتحور سيكون أكثر ذكاءً وأشد مناعة وأوسع حيلة من قريبه الجنوب إفريقي.
Demographic Manipulation Mechanism-آلية التلاعب الديموغرافي
إن آلية التلاعب الديمغرافي هي الآلية التي تُمارس من قبل دولة الاحتلال للحفاظ على هذه الحالة من الضبابية. حيث عملت على إيجاد عالم افتراضي يستند إلى مجموعة من الحجج والتأويلات والادعاءات والتصريحات المعدة لاستهلاك المجتمع الدولي، حاجبة بذلك الواقع الأبارتهايدي المستشري في النظام الاسرائيلي ومؤسساته.
إن الحاجة الإسرائيلية لهذه الحالة من الضبابية تأججت بعد حرب 1967، وهي الحرب التي أدت إلى إيقاع إسرائيل في الشرك الديمغرافي. قبل ذلك، استطاعت إسرائيل أن تقنع المجتمع الدولي بالاعتراف بها كدولة يهودية، إبان حرب 48، الواقع الديمغرافي آنذاك ساعدها على تحقيق مثل هذا الانجاز، حيث رجحت كفته لصالح القائمين على المشروع الاستعماري الصهيوني. بالإضافة إلى اقدامهم على استخدام كارثة الهولوكوست بشكل مبتذل، بيد أن هذا الواقع الديمغرافي سيتعرض لهزة عنيفة بعد حرب 1967 بسبب تضاعف عدد الفلسطينيين المسيطرعليهم من قبل دولة الاحتلال بعشرات المرات. هذا الواقع شكّل ما يشبه الورطة ( Dilemma) لصناع القرار في دولة الاحتلال، فهم من ناحية يرفضون الانسحاب من الأراضي التي احتلتهاعام 1967، انطلاقا من أسباب ومسوغات مختلفة يختلط فيها البعد القومي الديني مع البعد الأمني، ومن ناحية أخرى، هم لا يستطيعون أن يقدموا على دمج هذا العدد الكبير من الفلسطينيين داخل الكتلة السكانية الإسرائيلية، لأن مثل هذا الدمج سيؤدي لا محالة إلى نسف الأساس الذي تستند عليه يهودية الدولة، وهذا ما سيجر إسرائيل إلى خيار الدولة ثنائية القومية، وفي حالة إصرارها على التشبث بمبدأ يهودية الدولة، سيقودها هذا الموقف إلى التصادم المباشر مع الشرعية الدولية التي سوف تصنفها كدولة ممارٍسة لجريمة الأبرتهايد وفق الصورة النمطية آنفة الذكر.
أمام هذه الورطة، آثرت إسرائيل الاعتماد على الزيادة السكانية المعقدة تقوم بالأساس على تقسيم فلسطين إلى أربع مناطق جغرافية متباينة هي: أراضي 48، القدس، الضفة الغربية وقطاع غزة. في كل منطقة من هذه المناطق، قامت إسرائيل بتطبيق نظام قانوني إداري مختلف، والهدف النهائي من هذه العملية هو ضرب الوحدة الديمغرافية الفلسطينية للحفاظ على أغلبية يهودية ساحقة. وبذلك يتم تجاوز الورطة النابعة من العلاقة الجدلية ما بين الجغرافيا والديموغرافيا داخل حدود فلسطين التاريخية.
هذا السلوك ما هو إلا استعداد للمحاكمة، فإسرائيل تعلم أكثر من أي وقت مضى أنها عرضة للمساءلة الدولية، خاصة بعدما تحولت من مشتبه بها إلى متهمة من قبل منظمات حقوق الإنسان، خاصة منظمات حقوق الإنسان الدولية وغير الدولية، حيث ترسخ لدى هذه المنظمات توجه مجاهر بكون إسرائيل دولة فصل عنصري، وذلك بالرغم من محاولات إلصاق تهمة اللاسامية بهذه المنظمات من قبل اسرائيل بمساعدة اللوبي الصهيوني العالمي. إلا أن هذا الاتجاه لم يتبلور بعد في ساحة اللاعبين الدوليين الحكوميين من دول ومنظمات بسبب سياسة التلاعب والتضليل التي تمارسها دولة الاحتلال.
السؤال الملحّ في هذا المقام هنا: ما الذي يمكن القيام به من أجل إنهاء هذه الحالة الضبابية التي تستتر من خلفها دولة الفصل العنصري؟ الجواب يمكن بتفتيت الأساس الذي تقوم عليه فكرة تقسيم فلسطين التاريخية إلى أربع مناطق، مما سيعمل على إظهار حقيقة كونها وحدة جغرافية واحدة تمتد ما بين النهر إلى البحر، عند ذلك، سيتهاوى الادعاء الذي يشرعن يهودية الدولة أي (التفوق الديمغرافي اليهودي). ومن هنا سوف تتعاظم الورطة الإسرائيلية، ولن تنتهي إلا بالإعلان عن بطلان مبدأ يهودية الدولة – وهذا أمر شبه مستحيل -، أو بالانسحاب من الأراضي التي احتلت عام 1967 وهو حل أكثر واقعية لكن هذا الحل الأخير لن يكون مقبولا إلا اذا اقترن بالالتزام بتفكيك النواة السامة بين السكان الفلسطينيين والسكان اليهود داخل مناطق عام 1948، أي تفعيل الديمقراطية بشكل شامل وعدم تطبيقها بشكل انتقائي.
ولكن ماذا يوجد بجعبة الفلسطينيين وأنصارهم دولا ومنظمات من أدوات قادرة على فضح ممارسة الفصل العنصري في كامل أراضي فلسطين التاريخية؟
أن تشكيل الصورة المكتملة يجب أن يمر بدراسة أجزائها الأربعة كلا على حدة، والهدف هو عرض رواية فلسطينية للحقيقة تعتمد على سردية متماسكة ومنطقية خالية من التناقضات والمبالغات المكشوفة ونقية من كل الأخطاء التي اعترت الروايات الفلسطينية في الماضي.
إن تقديم مثل هذه الرواية سيكون بمثابة لائحة إتهام ضد دولة الفصل العنصري، وفي حالة إدانتها، سيدرك المجتمع الدولي أن الدولة التي إنشئت بواسطة اعترافه بها عام 1948، ما هي إلا كيان خارج عن القانون وأنه يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والتاريخية لما حدث وما يحدث للشعب الفلسطيني من ظلم واضطهاد من قبل هذا الكيان الصهيوني.
لذلك، سيكون البدء من الأراضي المحتلة عام 1948، وهو الحيز الذي تم الاعتراف به كدولة يهودية من قبل غالبية الفاعلين الدوليين الحكوميين.
تدعي إسرائيل أنها تطبق نظام حكم ديمقراطي ليبرالي تعددي، أي أن كل المواطنين سواسية في نظره، وأن الأقلية الفلسطينية التي تعيش في هذا الحيز تشارك في الحياة السياسية من خلال تمثيلها في البرلمان ومختلف مؤسسات الحكم وهي أيضا تدير شؤونها الحياتية من خلال مجالس محلية منتخبة، كما يتمتع أبناؤها بممارسة الحريات العامة بمختلف أشكالها، هذا ما تحاول اسرائيل إقناع العالم به، إلا أن الحقيقة بعيدة كل البعد عن هذا الادعاء، حيث أن هذه الأقلية الفلسطينية تعاني من اضطهاد ممنهج من قبل النظام، وبالتحديد منذ قيام الدولة اليهودية، حيث أجبرت على العيش تحت نير الحكم العسكري لما يقارب العقدين من الزمن. خلال هذه الفترة، تعطلت الحريات العامة بشكل تام بما في ذلك حرية التنقل.
أما بالنسبة للمشاركة السياسية فيجب التأكيد على أنها خلقت لتصب في مصلحة نظام الفصل العنصري عبر إنشاء أحزاب فلسطينية تدورفي فلك حزب مباي الحاكم، لعب نواب هذه الأحزاب دور ورقة التوت لهذا النظام، فتم عرضهم كدمى عديمة الإراد داخل قاعة الكنيست، هذا الدور الوظيفي للنائب الفلسطيني ما زال قائما لكن ضمن سيناريوهات مختلفة شكلا عن فترة الولادة إبان الحكم العسكري.
أن الفلسطيني في اسرائيل يعاني من تهميش صارخ على المستوى المعيشي، فلم تسمح دولة الفصل العنصري بإقامة أي مدينة او قرية جديدة في الوسط العربي، أما المدن والبلدات الفلسطينية القائمة أصلا فتعاني من أزمة سكانية خانقة بسبب تقييد البناء ومنع عملية التوسع الطبيعي. مما أدى إلى كثافة سكانية داخل التجمعات الفلسطينية. لا توجد بهذه التجمعات مرافق الخدمات العامة، لا مستشفيات ولا جامعات بسبب عدم وجود ميزانيات حقيقية لتطويرودعم المجالس المحلية. الجريمة المنظمة في الوسط الفلسطيني تدار تحت رعاية وحماية أجهزة الأمن الإسرائيلية، هذه الآفة أجبرت العديد من سكان التجمعات فلسطينية على الرحيل إما باتجاه الخارج أو باتجاه المدن الفلسطينية بالضفة.
إن التطرف الاسرائيلي في اسرائيل اشتد في العقد الأخير أكثر من أي وقت مضى مما أدى الى استصدار قوانين ممهدة لممارسة القتل العنصري في هذا الحيز، قانون القومية على سبيل المثال لا الحصر يعد ذروة هذا التطرف، ناهيك عن القانون الذي يمنع ويقيد لم شمل عائلات فلسطينية. اليوم يقطن في هذا الحيز الجغرافي أكثر من مليوني فلسطيني تم زجهم في تجمعات قائمة على ما مجموعه 3% من مجمل مساحة أراضي 48، يعيشون في ظل ظروف قاهرة وأحيانا مستحيلة. اسرائيل لا تمارس ضد هؤلاء جريمة الفصل العنصري فحسب، بل انها تقترف أيضاً جريمة التطهير العرقي الصامت في إطار محاولتها الحثيثة للحد من نسبة السكان الفلسطينيين في هذا الحيز.
القدس تعاني هي الأخرى من ممارسات أبرتهايد مشابهة لتلك المعمول بها في أراضي الـ٤٨، لكن وتيرة هذه الممارسات أكثر حدية ومتسارعة بشكل كبير، هذه الوتيرة اشتدت مع بدء إقامة جدار الفصل العنصري الذي عمل على سلخ المدينة عن فضائها التاريخي، وعن كامل أراضي الضفة الغربية مما أدى إلى ضرب البنيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للقدس وسكانها الفلسطينيين، بل أن جزءاً كبيرا من حاملي البطاقات المقدسية وجدوا أنفسهم معزولين وراء جدار الفصل العنصري في أحياء مكتظة ومحرومة من الخدمات التي تقدمها البلدية، هذه الأخيرة تم تسييجها لتتحول لرأس حربة لنظام الفصل العنصري فهي لا تستثمر الا النزر اليسير من ميزانيتها لصالح الأحياء الفلسطينية، يكفي عبور شارع لملاحظة الفروق الشاسعة بين الأحياء اليهودية والفلسطينية في هذه المدينة، ومما يزيد الطين بلة، هو الوضع القانوني الخاص بالمقدسي الفلسطيني، فهو يحمل بطاقة الإقامة الدائمة في اسرائيل لذلك يجب عليه أن يثبت باستمرار ان مركز حياته داخل حدودها، وفي حالة فشله ،سيكون عرضة للإبعاد عن المدينة تجاه أراضي الضفة الغربية أو الخارج بعد أن يتم إلغاء إقامته.
أما سكن الفلسطيني في القدس فيعد المشكلة الأكبر حيث يمكن ملاحظة ممارسات الفصل العنصري المكاني والقانوني بشكل جلي، من خلال تطبيق سياسة انتقائية تُصب في مصلحة السكان اليهود وتُضر بالسكان الفلسطينيين. تهدف هذه السياسة إلى محاصرة الأحياء الفلسطينية بل وتجفيفها وإطلاق العنان لتوسع الأحياء اليهودية في القدس الشرقية. تجدر الإشارة إلى أن عدد السكان اليهود في هذه المنطقة تضاعف منذ عام 1967 من عدة آلاف إلى قرابة 200 ألف نسمة، وفي المقابل فإن مئات آلاف المقدسيين اضطروا إلى ترك المدينة والانتقال للسكن خارجها بسبب الصعوبات البالغة في إيجاد مكان داخل حدود المدينة لكونهم فلسطينيين فقط. كل هذا يحدث في إطار السعي الدائم للسلطات الاسرائيلية لتهويد المدينة وتشويه وتغيير ملامحها الفلسطينية واستبدالها بأخرى يهودية.
إن الصورة النمطية للأبارتهايد تظهربوضوح في الضفة الغربية، إلا أن دولة الاحتلال تتذرع بكون وجودها على هذا الحيز الجغرافي مؤقت، وأن متطلبات الأمن والإدارة أجبرتها على اتخاذ إجراءات قد تفسربشكل خاطئ. قوة هذه الذريعة آخذة بالتآكل مع مرور الزمن؛ إن ممارسات الفصل العنصري بدأت منذ اليوم الأول للاحتلال وأصبحت أكثر عمقًا شمولية بعد اتفاقيات أوسلو، فالضفة الغربية تحتوي على أعلى نسبة من السكان الفلسطينيين، وهذا ما يشكل قلقًا مزمنًا لصانعي القرار الإسرائيليين، حيث تمخض عن هذه الاتفاقات، تقسيم هذا الحيز الجغرافي – الضفة – إلى ثلاث مناطق: مناطق A وتضم المدن الفلسطينية ذات الكثافة الديمغرافية العالية، مناطق B وتضم البلدات والقرى، اي المناطق ذات الكثافة المتوسطة، ومناطق C وتضم التجمعات والقرى ذات الكثافة المنخفضة.
إسرائيل تسعى لضم مناطق C، التي تقدر نسبتها حوالي 70% من مساحة أراضي الضفة الغربية. من اجل ذلك عملت اسرائيل على إيجاد نظام عسكري قانوني إداري معقد وظيفته دمج الفلسطينيين في هذا الحيز داخل مناطق A و B ومحاصرتهم هناك. في المقابل، تسمح لمواطنيها اليهود باالانتقال للعيش في مستوطنات وبؤر تمت إقامتها على الأراضي المصنفة C، بالتزامن مع حرمان الفلسطينيين المقيمين هناك من البناء والتوسع الطبيعي.
تجدر الإشارة إلى أن أغلب السكان الفلسطينيين المقيمين في مناطق C هم من البدو، وهؤلاء مهددون باستمرار من قبل أجهزة الإدارة المدنية التي أعدت خطة شاملة لاقتلاعهم من أماكن سكنهم وإجبارهم على العيش في مناطق A و B، كما وأنشأت دولة الاحتلال شبكة متكاملة من المواصلات لربط المستوطنات المنتشرة في مناطق C بمناطق 48، تمهيدا لضم تلك المستوطنات إلى الدولة اليهودية.
أما السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين تناهز أعدادهم ثلاثة ملايين نسمة فهم معزولون داخل تجمعات مكتظة مع انعدام التواصل الجغرافي بين تلك التجمعات بسبب فرض العديد من معوقات الحركة والتنقل من قبل سلطات الاحتلال. هذه السلطات تستغلهم بشكل ممنهج، وتجعلهم عرضة لهجمات منظمة من قبل ميليشيات المستوطنين. كل هذا يحدث على خلفية إجراءات الضم الفعلي الزاحف للمناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
أما القطاع فإن إسرائيل تدعي انسحابها منه عام 2005 وبذلك لا يمكن القول بأنها تسيطر عليه أو على الكتلة السكانية القاطنة بداخله والتي يناهز عددها مليوني نسمة. من المؤكد أن هذه الادعاءات مجافية للواقع تمامًا، إسرائيل ما زالت تحتل القطاع من الخارج منذ انسحابها من أراضيه وتعمل على حصاره بشكل مشدد، حيث قامت بتحويله إلى “بونديستان” ( منطقة معزولة ) بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
يكفي القول بأنها تتحكم بكمية السعرات الحرارية المخصصة لكل فرد، كما أنها تمنع أهاليه من التنقل والحركة باتجاه الخارج، وكذلك تفرض القيود غير الإنسانية على دخول المواد اللازمة لتنميته الاقتصادية والاجتماعية. هذا الأمر أدى إلى انتشار البطالة وبلوغها أعلى المستويات العالمية. كما أن إسرائيل تمنع الفلسطينيين استغلال ثروات هذا الحيز الجغرافي خاصة تلك الموجودة في مياهه الاقليمية. ويضاف إلى هذا كله الجولات الحربية المتكررة التي تنفذها إسرائيل والتي تطال المدنيين والبنية التحتية لذلك لا يمكن أن يستقيم الادعاء الإسرائيلي مع حقيقة الواقع المرير والخطير لهذا الحيز الجغرافي.
الخلاصة هي أن دولة إسرائيل تمارس جريمة الفصل العنصري بحق كل أبناء الشعب الفلسطيني، وذلك بغض النظر عن كون هذا الفلسطيني مواطن أو مقيم دائم، أحد رعايا الحكم العسكري للاحتلال، أو أحد سكان قطاع غزة. هذا التلاعب القانوني والإداري في الجغرافيا والديمغرافيا الفلسطينية لا يمكن له أن يخفي هذه الحقيقة الصارخة، لذلك يجب على الفلسطينيين أن يقدموا روايتهم للمجتمع الدولي مطالبين إياه ممثلاً بالجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار قرار تصريحي يعلن بأن فلسطين التاريخية هي حيز جغرافي واحد، وأن الكتلة السكانية الفلسطينية التي تقطن بداخله هي كتلة موحدة، وأن التقسيمات الجغرافية والديمغرافية التي ابدعتها إسرائيل لا تمت للواقع بأي صلة.
إن هذه الخطوة التكتيكية تعد خطوة ضرورية باتجاه بناء استراتيجية متكاملة تهدف إلى إدارة الصراع على الصعيد الدولي من خلال تقديم رواية فلسطينية عقلانية.
كتب الأسير المحامي طارق برغوث، حيث يستكمل الدراسات العليا من سجون الاحتلال بعد حصوله على شهادة الماجستير من جامعة القدس العام الماضي، يشار أنه معتقل منذ فبراير 2019 ويقضي حكماً لـ13 عاماً ونصف.