أصدر الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، اليوم الثلاثاء، بيانًا في الذكرى الثانية لرحيل الدبلوماسي والكاتب المبدع الدكتور عمر القادري، جاء فيه:
أبقت المنسي أجنحتها لمطارحها الأولى قرب نبعٍ ينتظر التابوت الأجمل لاستكمال لوحة الألم، ولم تترك حيفا يدها للنسيان على أقاصيص الزرّاع الذين حفروا عن قشرتها سواد الطامعين، ولم تقفز جنين عن أيام ابنها اللاجئ إليها بحنين لمسقط رأسه، ولم تتخل عنه حتى بعد خروجه للمنفى الثائر.
الدكتور عمر القادري المناضل الإعلامي والمثقف العالي، قنطرة رافعة بالراسخات المبدأ الوطني، غاب جسده الطاهر لتبقى آثاره الثابتة في الوجدان الكائن جذورًا في أرواح محبيه، وعلى فارق الحضور والغياب يبقى لعمر القادري ثبوت الوجود دون شك في التعليم، والإعلام، والثقافة، والدبلوماسية سيدة فعله على خط نضاله الطويل.
ولم يكن القادري رقمًا في قافلة شقت الهجاج لتصل إلى ركنها المباح، بل كان صدى المدى المدوي في رحلة العمر الشاقة والمدبرة على تفرعات المراحل، وثابتها لديه المتين على كامل الحلم الشاهق، ولم يكن غير الراضين بالبذل من أجل فلسطين.
وهو المناضل الجسور فواح البارود منذ ريحانة البلوغ فكان النضال أول الطريق وآخره في الأمنية والمسيرة، وكان الرسول الأطهر والمصداق الصدوق في أرض الأوراس الثائر، والجزائر كلها له العبارة المستحكمة فرضيةً لا حياد عنها في تجربة التحرير والخلاص من المحتل.
والقادري النقي على المسار والمدار المعطاء، لم يشتك ولم يبلغ رغبات الذات لكي يلتوي في منتصف الطريق، بل مسك بجمرة الثابت الوطني، وقدح زناد أفعاله على ضوء العام الأهم، على حساب الشخصي المهم، وكان أنموذجًا حيًا وخالدًا لكل وطني مسّه الحرمان، فكانت جبهته مفتوحة على دوار العمر لتعديل لوحة خربها الغاصب الظالم.
عمر القادري انتقل لرضوان ربه، وانتقل فينا إلى أيقونة اعتزاز وثروة باقية لوعي يتمدد ويزخر في مستقبل أجيالنا، حتى الوطن المعافي من بعد جرح فضفاض، وعنت لا يواجهه إلا البواسل الميامين، أولي اليقين المطلق بفلسطين، وعليه الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين سيبقى وكوكبة المبدعين على مدهم ومدادهم من الأوفياء لسيرة ومسيرة الدكتور عمر القادري، والرفاق الذين صرفوا أعمارهم انتماءً صادقًا لفلسطين، وعلينا أن نمد الموروث العبقري الذي تركه الدكتور القادري ليصل أجيال الخلاص وأصحاب الأمانة المخلصة لفلسطين. وإننا من بعدهم بالدم سنكتب لفلسطين.
ــــ