أكد برنامج الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” أن الحصار الذي دام عقودا على غزة، أدى إلى إضعاف اقتصادها حتى قبل الأزمة الحالية، ما جعل 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية الدولية، كما تعرضت غزة لعدة عمليات عسكرية مع الخضوع لإغلاق بري وبحري وجوي، ويحتاج سكان غزة إلى تصاريح للتنقل من القطاع إلى خارجه عبر معبرين بريين تسيطر عليهما إسرائيل.
وأوضح أن القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع، وتدمير الأصول الإنتاجية خلال العمليات العسكرية المتكررة، والحظر المفروض على استيراد التكنولوجيات والمدخلات الرئيسية أدت إلى تفريغ اقتصاد غزة، حيث انخفض الاستثمار في عام 2022 إلى 10,7% من الناتج الإجمالي المحلي لغزة، أو إلى 1,7% من الاقتصاد الفلسطيني، وبين عامي 2006 و2022 تقلص الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد في غزة بنسبة 27%، في حين تقلصت حصته في الاقتصاد الفلسطيني من 31% إلى 17,4%.
وأشار إلى أن القيود المفروضة على الحركة تعيق الوصول إلى الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية، وأن العيش في غزة في عام 2022 يعني الحبس في واحدة من أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان في العالم، دون كهرباء نصف الوقت، ودون إمكانية الوصول الكافي إلى المياه النظيفة أو نظام الصرف الصحي المناسب، ما يعني احتمالية أن تكون فقيرا 65%، واحتمالية أن تكون عاطلا عن العمل 41%.
وقد أدى التضخم وانخفاض المساعدات الخارجية وتراكم الديون، إلى إبقاء اقتصاد الأراضي الفلسطينية المحتلة دون مستويات ما قبل جائحة كوفيد 19.
وكشف أحدث تقرير صدر، اليوم الأربعاء، عن “الأونكتاد” أن عام 2022 كان عاما سيئا آخر بالنسبة للفلسطينيين، وعلى خلفية التوترات السياسية المتصاعدة، وتزايد الاعتماد على السلطة القائمة بالاحتلال وتوقف عملية السلام، وواصل الاقتصاد الفلسطيني العمل بأقل من إمكاناته العام الماضي، واستمرت التحديات المتمثلة في فقدان الأراضي والموارد الطبيعية لصالح المستعمرات الإسرائيلية، والفقر وتراجع المساعدات الخارجية وتراكم الديون الخاصة والعامة.
وأوضح التقرير أنه بعد مرور ثلاثة عقود على اتفاقيات أوسلو، لا تزال سياسات الاحتلال تعوق التقارب المأمول بين الاقتصاد الفلسطيني والاقتصاد الإسرائيلي، وبدلا من ذلك تباعد الاقتصادان، حيث يبلغ نصيب الفرد في الناتج المحلي الفلسطيني 8% من نصيب نظيره في إسرائيل.
وسلط التقرير الضوء على الاعتماد القسري للاقتصاد الفلسطيني على إسرائيل، وقد أدت العقبات والحواجز المفروضة عليه في التجارة مع بقية العالم، إلى عجز تجاري مزمن واعتماد غير متوازن واسع النطاق على إسرائيل، كما أن الافتقار إلى العملة الوطنية والاعتماد على العملة الإسرائيلية، لم يترك مجالا لأي سياسة نقدية فلسطينية، في حين أن سعر صرف العملة قوض القدرة التنافسية الضعيفة للمنتجين الفلسطينيين في الأسواق المحلية والأجنبية، وأجبرت ندرة الوظائف العديد من الفلسطينيين على البحث عن عمل في إسرائيل والمستعمرات، في عام 2022 عمل 22% من الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة في إسرائيل والمستعمرات حيث متوسط الأجر أعلى، لكن الضرائب ورسوم السمسرة والتكاليف الأخرى المرتبطة بهذه الوظائف تمثل 44% من اجمالي الأجر، وبما يمحو الفارق في الأجور، فأصبح سبب العمل في إسرائيل هو عدم توافر الوظائف في الاقتصاد الفلسطيني، وهي فرص عمل غير مستقرة ، وتتسبب في صدمات للاقتصاد الفلسطيني في بيئة متقلبة تتميز بالأزمات المتكررة.