كلمة وزير الداخلية في تونس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسّلامُ على سيّدِنا مُحمدٌ النبيُّ العربيُّ الأمين.

– صاحبُ السموِّ الملكيِّ الأميرُ عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبدِ العزيزِ آل سعود، وزيرُ الداخليةِ في المملكةِ العَربيةِ السُعوديةِ الشقيقة، الرئيسُ الفخريُّ لمجلسِ وزراءِ الداخليةِ العرب.

– معالي الدكتور / محمد بن علي كومان، أمينُ عام مجلسُ وزراءِ الداخليةِ العرب.

– معالي السيد / عثمان الغانمي، وزيرُ الداخليةِ في الجمهوريةِ العراقيةِ، رئيسُ الدورةِ الثامنةِ والثلاثينَ لمجلسِ وزراءِ الداخليةِ العرب.

– معالي السيد / حمود بن فيصل البوسعيدي، وزيرُ الداخليةِ في سلطنةِ عُمان، رئيسُ الدورةِ التاسعةِ والثلاثينَ لمجلسِ وُزراءِ الداخليةِ العرب.

– السادةُ أَصحابُ السمُوِّ والمعالي”

– السيداتُ والسادةُ رؤساءُ وأَعضاءُ الوفود.

السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه “

إنّهُ لَمِنْ دَواعي اعتزازي أَنْ أَكونَ بينكمْ لأَولِ مرةٍ كوزيرٍ للداخليةِ في دولةِ فلسطينَ في رحابِ تونس الشقيقةِ التي لَطالما احتضنتْ فِلسطينَ والفِلسطينيين.

كما ويُشرّفُني أَنْ أَنقلَ لَكمْ تحياتِ فخامةِ الرئيسِ محمود عباس، رئيسُ دولةِ فلسطينَ ودولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد اشتيه، وتمنياتهِما بنجاحِ هذه الدورةِ وتحقيقِ الأهدافِ المرجوةِ منها.

كما أتقدمُ كذلكُ بالشكرِ والعرفانِ من فخامةِ الرئيسِ قيس سعيد، وحكومةِ وشعبِ تونس الشقيق على حفاوةِ الاستقبال وكرم الضيافة.

الأُخوةُ أَصحابُ السموِّ والمعالي …..

الحضورُ الكريم……

نجتمعُ اليومَ تكريساً لاجتماعاتِنا السنويةِ والتي تَهدفُ إلى مناقشةِ القضايا ذاتِ الاهتمامِ المشتركِ والتي تخدُمُ الأمنَ العربي، ويأتي اجتماعُنا هذا في ظلِّ تحدياتٍ كُبرى وأزماتٍ سياسيةٍ وأمنيةٍ ووبائيةٍ، مُتلاحقةٍ تَشهدُها منطقَتُنا العربيةُ، وإنَّ مواجهةَ هذهِ التحدياتِ والأزماتِ يُحتمُ علينا جميعاً مزيداً منَ التعاونِ والتنسيقِ المشتركِ وتَطويرِ السياساتِ والاستراتيجياتِ الأمنيةِ وجعلِ التعاونِ الأمنيِّ والشُرطيِّ خياراً استراتيجياً؛ لأنّهُ الضمانُ الحقيقيُ لتحقيقِ الاستقرارِ والأمانِ لدُوَلِنا وشعوبِنا والحِفاظِ عَلى حضارتِنا وتُراثِنا.

لا شكَّ في أنَّ المنطقةَ العربيةَ، كما مُعظَمُ دُولِ العالمِ، تُعاني من الإرهابِ وجرائمهِ سواءَ بأدواتهِ الإلكترونيةِ أو غسيلِ الأموال وتمويلِ الإرهابِ وتجارةِ المخدراتِ والجرائم السيبرانيةِ وغيرها من الجرائم العابرة للحدود؛ مما ينعكس سلباً على السّلمِ الأهليِّ والمجتمعيّ والأَمنِ الوطني، الأمر الذي يُحتم مكافحة مختلف الجرائم والقضاءِ عليها، وهذا يستدعي مِنا العملَ المشتركَ وتأسيسِ شراكةٍ أمنيةٍ عربيةٍ ومضاعفةِ الحضورِ الأمنيِّ ووضعِ استراتيجياتٍ وتفعيلِ الاتفاقياتِ وتَبادُلِ المعلوماتِ والخبرات.

الأخوةُ أصحابُ السموِّ والمعالي ……

الحضورُ الكريم….

إنّنا في فلسطينَ ورغمَ ما نواجهُهُ منَ المخاطرِ والتحديات، فإنّنا نتعرض أيضاً لإرهابِ دولة الاحتلالِ الإسرائيلي، التي تَعملُ على تَقويضِ الجهودِ الدوليةِ الهادفة إلى تحقيق حل الدولتين بما يفضي إقامةِ دولةٍ فلسطينيةٍ مستَقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، إذْ باتَ توسيع الاستيطانُ ومحاربةُ حلِّ الدولتينِ أجندةَ ثابتة لِحكومات الاحتلال المُتَعاقبة ولمستمرةَ بارتكابِ المزيدِ منَ الجرائمِ والانتهاكاتِ اليوميةِ لحقوقِ شَعبِنا غيرَ آبهةٍ بالقانونِ الدُوَليِّ وقراراتِ الأممِ المتحدةِ والاتفاقياتِ الثُنائية.

كما أنّها تعملُ على فَرضِ مُخططاتِها لِضمِّ القدسِ وعزلِها وتزويرِ طابِعِها الثقافيِّ والتاريخيِّ والدينيّ والسياسيّ وطَمسِ هُوِيَتِها الفِلسطينية، حيثُ تقومُ بِمُحاصَرتِها وتَنتهكُ مُقدّساتِها الإسلاميةِ والمسيحيةِ، وتعملُ على تهجيرِ أَهلِها كما يحدثْ في حيّ الشيخ جراح، وتعملُ على هدمِ البيوتِ والمُنشآت، ويَستمرُ المستوطنونَ وبدعمٍ منَ الجيشِ الإسرائيلي في الاعتداء على أبناء شعبنا، واقتحامِ المسجدِ الأقصى وإقامةِ طقوسٍ تَلموديةٍ في باحاتهِ تحت حراسةٍ منَ الشرطةِ الإسرائيلية.

وقدْ حذّرنا ولا نزالُ نُحذّرُ من تداعياتِ السياسةِ الإسرائيليةِ، ونَدعو إِلى أَكبرِ اصطفافٍ عربيٍّ ودُوليٍّ إِلى جانبِ حُقوقِ شَعبِنا وفقاً لِمُبادرةِ فَخامةِ الرئيس / محمود عباس التي تَحدثَّ عَنها أَمامَ مجلسِ الأمنِ الدُوليِّ للتوصُلِ إلى سَلامٍ عادلٍ وشاملٍ بآلياتٍ دُوَليةٍ مُتعددةِ الأطرافِ، والاستنادِ إلى قراراتِ الشرعيةِ الدُوليةِ ومُبادرةِ السّلامِ العربيةِ. فالعدلُ والسلامُ وحدَهُما يُؤديانِ إلى استقرارِ المنطقةِ العربيةِ.

مِنْ جانبٍ آخرَ، ما زلنا نواجهُ أزمةً صحيةً تمثلتْ بِجائحةِ كورونا وطفراتها الجديدة، حيثُ أَولتْ وزارةُ الداخليةِ اهتماماً بالغاً للتصدّي لَها بالتعاون مع مُختلف الشركاء مِن خِلالِ خُطةٍ وَطنيةٍ تتضمنُ إجراءاتٍ لمُواجهةِ الجائحةِ وتداعياتِها الأَمنيةِ.

الأُخوةُ أَصحابُ السموِّ والمَعالي …..

الحضورُ الكريم….

إنَّ وزارةَ الداخليةِ وبتوجيهاتٍ مِن فَخامةِ الرئيس/ محمود عباس وإشرافٍ مِنْ دَولةِ رئيسِ الوزراءِ ماضيةٌ في تَكريسِ بِناءٍ مُؤسسي فاعل يستجيبُ لاحتياجاتِ وتطلعاتِ أبناء شعبنا وفقاً لسيادة القانون ومحاربة مظاهر الفلتانِ الأمني واجتثاثِ الجريمةِ والفوضى ومُراعاةِ حُقوقِ الإنسان، حيثُ تُشكلُ المؤسسةُ الأمنيةُ الفِلسطينيةُ حجرَ الأساسِ لهذا البناءِ لتحقيقِ الاستقرارِ وحمايةِ المشروعِ الوطنيِّ وصونِ مصالحَ وسلامةِ المُواطنين، ونؤكدُ في هذا السياقِ التزامَ دولةِ فلسطينَ بتعزيزِ العملِ العربيِّ المشتركِ، ومحاربة الإرهاب بأشكاله كافة، ونؤكدُ على رغبتِنا الثابتة في تبادلِ المعلوماتِ والخبراتِ الأمنيةِ بما يشملُ التجارب والخبراتِ الأمنيةِ والمدنية، مشيراً في هذا الإطار إلى أن دولة فلسطين قد عقدت أكثر من ثمانين اتفاق وبروتوكول تعاون مع أكثر من ثمانين دولة في مجال مكافحة الإرهاب الدولي.

الأخوةُ أصحابُ السموِّ والمعالي…..

الحضورُ الكريم،

قبلَ أن أختمَ كلمَتي، أتوجهُ منْ معالي الأَخ محمد بن كومان الأمين العام لمجلس وُزراءِ الداخليةِ العرب بالشكرِ الجزيلِ على دَورهِ الحيويِّ الهام في مُتابعةِ القراراتِ والتوصياتِ التي تَصدرُ عن المجلس، وأُحيي جميعَ العاملينَ في الأمانةِ العامةِ ومكاتبِها المتخصصةِ وشُعبِ الاتصالِ وجامعةِ نايف العربية للعلومِ الأمنية.

وفي الختامِ، أدعو الله أن يُوفقنا إلى قراراتٍ تُرضي طُموحاتِ شُعوبنا في العيشِ بأمنٍ وأمانٍ وسلام، مُجددًا الدّعاءَ إلى اللهِ أنْ نَلتقي سَوياً على أرضِ القدسِ الطاهرةِ المحررة، وأنْ نُصلي سوياً في رِحابِ المسجدِ الأقصى المبارك، وفقّنا اللهُ وإياكُم لما فيه رِفعةُ وطنِنا العربي العزيز.

شكراً لكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته